الخديعة الكبرى الجزء التاسع- مفاهيم سائدة ومفاهيم صادمه

الخديعة الكبرى الجزء التاسع- مفاهيم سائدة ومفاهيم صادمه

  • الخديعة الكبرى الجزء التاسع-  مفاهيم سائدة ومفاهيم صادمه

اخرى قبل 4 سنة

الخديعة الكبرى الجزء التاسع-

مفاهيم سائدة ومفاهيم صادمه

د.سالم سريه

استكمالا لما ورد في الجزء الثامن تقتضي الضرورة ان نسلط مزيدا من الضوء على تصورات الدكتور فاضل الربيعي باعتبار ان اليمن تشكل مسرح احداث التوراة .آخذين بعين الإعتبار ان هذا الباحث العراقي لم يعتمد النقل الميكانيكي للمواقع والاماكن التي وردت في مؤلفات الهمذاني ولصقها في التوراة ابدا .بل سلك (اعتمادا على تلك المصادر ) سلوك المحقق الجنائي المحترف (تحليلا واستنتاجا ) الذي يفكك تشابك الاحداث ويعيد تركيبها من جديد ليكون قصة جديدة تكشف بصمات المتهمين (المستشرقين ) بالتزوير من جهة وينسف جذور الدجل للايديولوجية الصهيونية التي استندت اليها للسطو على التراب الفلسطيني وتشريد شعبه .

واذكر ادناه بعض العينات من السرد الجديد للمفاهيم الصادمة مقارنة مع المفاهيم السائدة التي رسخت في الوعي العربي ردحا طويلا من الزمن :

1- إن ما يدعى ب( أرض كنعان) يقصد به حصراً الأراضي التي سيطرت عليها مملكة معين الجوف ( معين- مصرن) في الشمال. وهذه الأراضي تمتد إلى السواحل في حجة والحديدة. إن إطلاق صفة الكنعانيين على الفلسطينيين في المؤلفات التاريخية السائدة، هو من تلفيق التيار التوراتي في علم الآثار، وقد أشاع هذا التوصيف أوهاماً لا تزال رائجة ولا أصل لها، فما من فلسطيني إلا ويفتخر انه ( كنعاني ؟) . وهذا وهم ما بعده وهم. ولذلك أدعو إلى إسقاط هذا المصطلح الخاطئ من مناهج التعليم.(ص104)

2- أن التاريخَ المكتوب والمتحّقق، لا يعرفُ أيَّ شي عن حدث يُسمى في السرديّات التاريخية والدينية عادة ( خروج بني إسرائيل من مصر). لم يكن هناك في أي يوم من التاريخ قط، هروب جماعي لبني إسرائيل عبر سيناء مصر صوب فلسطين، والقصة التي تسردها التوراة لم تقع في مصر البلد العربي بكل تأكيد والأسفار التي تسرد قصة الخروج ( سفر الخروج، العدد، التثنية) تؤكد لنا بقوة، أن هذا الحدث هو في حقيقته هجرة دينية طقوسية لتقديس أماكن ومواضع عبادة بعينها، ولم تكن هروباً من ظلم الفرعون وحسب (ص9) . فلا موسى وشعبه ضاعوا في الصحراء، ولا كانوا عبيداً اشتغلوا في بناء الأهرامات المصرية على ما يشاع في الروايات الاستشراقية السقيمة؟ فهل يتعارض هذا التصّور مع القرآن؟ سوف يقول كثرة من المسلمين، أن هذه الأفكار والتصوّرات والأسئلة تتعارض مع نصّ القرآن الذي ذكر اسم سيناء؟ إن القرآن لم يذكر قط، اسم سيناء في هذه القصة، ولكن الاسم ورد في آية أخرى لا علاقة لها بالخروج الإسرائيلي هي آية (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ ﴾ [المؤمنون: 20] وهي آية لا تشير إلى خروج إسرائيلي أو ما شابه. وكل ما يزعم في هذا النطاق من الفكرة، هو وهمٌ ناجمٌ عن تفسيرات مُضّللة للنصّ القرآني تخلط بين ( طور سينين) وطور سيناء؟ ومن العبث الإصرار على إن (سينين) تعني سيناء، لأن سياق الآية مبنيّ على القسم بمكان له قداسة خاصة، هو جبل سينين ( والتين والزيتون وطور سينين). وهذا مكان لا رابط بينه وبين مصر(ص12) وبالطبع، يستحيل تخيّل أن موسى خرج من سيناء مصر، وخلال شهر واحد فقط، تمكن من الانتصار في مكان آخر، ليقيم هو و( شعبه ) في قدس؟ فكيف وصل إلى قدس من سيناء؟ (ص19)

3- يقع جبل قدس جنوب غرب تعز باتجاه عدن بنحو 80 كم ، وهو من أهم المواضع في ما كان يسمى قديماً بإقليم المعافر الذي كانت له شهرة واسعة في تاريخ اليمن، ويدعى اليوم منطقة قدس وسامع، واسم سامع يرد حرفيا في نصوص التوراة، كاسم مكان أُقطع للأسباط الإسرائيلية.(ص20)

 

4- ولمّا كان موسى يعرف باسم موسى بن عمران، فمن المحتمل أن الاسم ينصرف إلى اسم مكان يدعى عمران انتسب إليه، عندما كان يرعى الغنم عند حميّه. أي أنه ابن عمران المكان- القبيلة. وهذا وحده ما يساعدنا في تفكيك لغز الالتباس في علاقته بمريم، فهي أخت هارون شقيق موسى وتدعى مريم بنت عمران، لكنها ليست أخت موسى؟ (25) لكن، ما علاقة اسم موسى بن عمران باسم عمران اليمنية ؟ ولماذا تسمّي مريم نفسها مريم بنت عمران؟ وهل هي ذاتها مريم القرآن ( أمّ المسيح واخت هارون)؟ أم هي شقيقة هارون ؟ وإذا كانت شقيقته، فلماذا لا يقال انها شقيقة موسى؟ وهل اسم هارون هذا له علاقة باسم الإله هارون؟ وما علاقة هذا الاسم باسم الإله أرون ( هـ ـ رون والألف المهموزة بديل الهاء كاداة تعريف) والذي انتشرت معابده في اليمن؟ مثل هذه الأسئلة لها أهمية خاصة في نطاق استيعاب البعد الديني للهجرة الجماعية.(ص70)

5- ولمّا كان اسم مصر في عصر الخروج، لا وجود له ولم يكن معروفاً قط، لأنها كانت تعرف باسم الجبت- إيجبت، بلاد القبط، فقد حدث خلط مريع ومثير للحيرة؛إذ كيف يكون الحدث- من الناحية الزمنية قد وقع عام 1300 ( أو 1500 ق.م) على أبعد تقدير، بينما لم يظهر اسم مصر إلا في عام 700 ق. م؟ أي أن هناك فارقاً زمنياً بين الحدث وظهور اسم المكان يتجاوز 800 عام.(ص26) وحتى اليوم توجد في محافظة تعز ضمن مديرية الوازعيه وفي عزلة المشاوله قرية جبلية تعرف باسم قرية مصرن ( مصران). والمدهش أن بعض ملوك معين كانوا من آل فرعه، ويعرفون باسم الفرعون ( فرعه حسب رسم التوراة والنقوش اليمنية). بينما لا يوجد في السجلات المصرية التاريخية إي أثر للاسم فرعون، وهو يستخدم مجازا في وصف الأسر الحاكمة؟أي أن السجلات المصرية لا تعرف صيغة الاسم ( فرعون) قط؛ بل تطلق على الحكام لقب(ملك).(ص28).ثم لماذا يردّد العربي القول المأثور ( مصر الكنانة) ؟ ما علاقة مصر بقبيلة بني كنانة؟ إن بعض اللغويين المتفذلكين يرددّون فكرة سطحية مفادها إن المقصود بهذه الجملة ( كنانة القوس) أي الكيس الذي يضع فيه الصيّاد النُبل؟ لقد قصد به مصر اليمن التي كانت أرض بني كنانة جزء منها.(ص29) وفي القرآن[1]ثمة دليل قاطع على أن المقصود من مصر إنما هو ( مصرن) هذه. لقد ثار جدل عميق بين الفقهاء واللغويين العرب والمسلمين حول السبب الذي أدّى إلى ( تنوين) اسم مصر في آية ( اهبطوا مصراً) بينما وردت في آيات أخرى دون تنوين؟ ويتعيّن علينا حيال هذا الأمر، أن نتأمل في المضمون الحقيقي لرسم اسم مصر في القرآن على هذا النحو ( مصراَ-وتقرأ مصرن) خصوصاَ وأن هذا الرسم يأتي في سياق آيات تخصّ موسى وبني إسرائيل خلال رحلة الخروج: وفي النصّ القرآني –.وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا .سورة [البقرة:61] (ص30)وفي هذا الإطار، سوف نطرح إمكانية حل لغز سفر الخروج من خلال البحث في نطاق جغرافية محددّة ، تغطي مساحة صغيرة من اليمن،هي جغرافية إقليم المعافر الممتّد من إب إلى تعز في الجنوب الغربي وصولاً إلى لحج، فهنا وليس في أي مكان آخر دارت أسطورة هروب بني إسرائيل من الفرعون (ص61)

6- قصة الهجرات الجديدة لبني إسرائيل بعد موت هارون، لا يمكن مطابقتها لا مع جغرافية مصر القديمة ولا مع جغرافية جنوب بلاد الشام ؟ فضلاً عن هذا كله، فقد فشلت أعمال الحفر والتنقيب في سيناء خلال العقود الماضية في تقديم أي برهان مهما كان محدوداً، يؤكد لنا أن هذا الحدث الدينيّ وقع في سيناء مصر (ص99).

خلاصة القول :ان جهد الدكتور فاضل الربيعي في اعادة كتبة التاريخ الفلسطيني القديم (اصاب ام لم يصب )انما يستحق الثناء والتقدير لجهوده المضنية في هذا الاطار ويستحق بجدارة الجوائز التقديرية التي حاز عليها من جامعة القدس عام2016 عن أفضل كتاب عن القدس(القدس ليست اورشليم) وحصوله على درع الرواد والمبدعين العرب ( مهرجان وملتقى الرواد والمبدعين العرب- من مؤسسات الجامعة العربية)عام 2008.ان هذا الباحث العراقي الفذ صاحب الاربعين مؤلفا له بصمات في الجهاد الثقافي الوطني الفلسطيني ولم يكتب كل ذلك للحصول على جائزة دوليه ذاتية (امثال يوسف زيدان الذي نحرالتاريخ الفلسطيني وغيره للحصول على جائزة نوبل ) بل كان الوقود الدافع لكتاباته شعورا قوميا ووطنيا شفافا جعلته يسير جنبا الى جنب ثوار فلسطين في معركتهم المصيرية . واقترح على اخي الدكتور فاضل ان يجمع كل النقد العلمي الرصين الذي يوجه الى نظريته من كل الجوانب وان يرد عليها بمؤلف جديد مما يجعل الأخذ بهذه النظرية او رفض بعض جوانبها ايسر على الجماهير العربية .وهنا اتسائل عن دورالآلاف المؤلفه من اساتذة اللغات والباحثين الفلسطينيين(باستثناء احمد الدبش وزياد منى على حد علمي ) في داخل الوطن وخارجه :اين دورهم في مناقشة اطروحات الدكتور فاضل الربيعي ؟

المصدر: بنو اسرائيل وموسى لم يخرجوا من مصر (اسرائيل المتخيلة مساهمة في تصحيح التاريخ الرسمي لمملكة اسرائيل القديمة –المجلد الاول –الكتاب الاول

التعليقات على خبر: الخديعة الكبرى الجزء التاسع- مفاهيم سائدة ومفاهيم صادمه

حمل التطبيق الأن